هل فيسبوك ينهار؟ ما يحدث مع منشئي المحتوى أكبر من مجرد تقييد ربح!
في الأيام الأخيرة، ضجّت مجموعات منشئي المحتوى على فيسبوك بصور سكرين شوت ورسائل محبطة توضح أن آلاف الصفحات تم تقييد أرباحها بشكل مفاجئ وبدون سابق إنذار. حالة من الذهول والارتباك تسود المنصّة، وعبارات مثل "صفحتى اتقيدت"، "فقدت الوصول لأدوات الربح"، "مافيش أي مخالفة"، أصبحت لغة سائدة بين مجتمع منشئي المحتوى، خاصة من العالم العربي.
فما الذي يحدث فعلًا على فيسبوك؟ ولماذا كل هذا الغموض؟ وهل يمكن الوثوق بمنصّة لا توفّر حتى الحد الأدنى من الدعم الفني أو التوضيح الرسمي؟ هذا ما سنحاول تفصيله في هذا المقال.
تقييدات جماعية دون سبب واضح
الصدمة الكبرى جاءت حين تم إيقاف الربح عن عدد هائل من الصفحات في وقت متزامن تقريبًا خلال ساعات قليلة. لم تكن المشكلة مقتصرة على صفحات صغيرة أو غير مفعّلة، بل طالت صفحات بملايين المتابعين، وبعضها يحقق أرباحًا شهرية ممتازة.
ما زاد من الغموض هو أن التقييد حصل أحيانًا حتى للصفحات التي لم تُفعّل الربح أصلًا، أو تلك التي لم تتلقَّ أي إنذارات أو مخالفات سابقة. المنشئون الذين التزموا بكافة السياسات، واستخدموا محتوى أصلي بالكامل، وجدوا أنفسهم فجأة خارج منظومة الربح، دون معرفة السبب أو طريقة الاستئناف الفعالة.
لا دعم فني.. ولا اعتراف بالمشكلة
في أوقات الأزمات، يتوقّع المستخدم من أي منصة محترمة أن تُصدر توضيحًا رسميًا حول ما يحدث، خاصة عندما يكون الأمر بهذا الحجم. ولكن فيسبوك كالعادة، اختفى تمامًا عن المشهد. لا إشعارات، لا تنبيهات، لا بيانات صحفية، ولا حتى منشور بسيط من حساب الدعم الفني يُطمئن فيه المستخدمين.
الطامة الكبرى أن التواصل مع الدعم الفني نفسه هو تجربة محبطة بكل المقاييس. الرسائل الآلية، التأخير في الرد، وتحويل الحالات إلى "قيد المراجعة" ثم رفضها دون تفسير، جعلت منشئي المحتوى يشعرون أنهم "بيكلموا نفسهم"، كما وصف أحدهم.
منشئو المحتوى في مواجهة المجهول
التساؤلات تتكرر بلا إجابات:
-
هل هناك تحديث جديد في سياسات الربح؟
-
هل هناك خطأ تقني أثر على الجميع؟
-
هل تم إطلاق أداة جديدة لا تعمل كما يجب؟
-
هل السبب هو استخدام موسيقى أو صور لا يملكون حقوقها؟
كل الاحتمالات واردة، لكن الأكيد أن منشئي المحتوى يشعرون وكأنهم يسيرون داخل متاهة مظلمة لا يعرفون فيها الخطأ من الصواب، ولا يملكون وسيلة لفهم ما يحدث.
بل إن بعضهم، كما نقلت منشورات عديدة، يشعرون بضغط نفسي كبير، يصل في بعض الأحيان إلى الانهيار، لأن المنصة أوقفت مصدر رزقهم الوحيد دون إنذار، وبطريقة لا يمكن الطعن فيها بوضوح.
هل أخطأ منشئو المحتوى العرب؟
هناك من يحمّل منشئي المحتوى العرب جزءًا من المسؤولية، بحجّة أنهم اتبعوا شروحات غير دقيقة، أو استخدموا أدوات مثل "عوائد فيسبوك"، أو "دوائر الأعمال"، أو أنشأوا كيانات تجارية بطريقة غير صحيحة.
لكن حتى لو افترضنا صحة هذا الادعاء، فإن فيسبوك يتحمّل القسط الأكبر من المسؤولية، لأنه لا يوضّح السياسات بشكل كافٍ، ولا يوفّر نظام دعم فني حقيقي يمكنه تصحيح الأخطاء قبل أن تتحول إلى عقوبات قاسية.
كيف يعقل أن يتم تقييد صفحة لا تزال في مرحلة الإنشاء ولم تُفعّل الربح بعد؟ كيف تُعتبر هذه مخالفة؟ وهل هذا الخطأ في النظام أم في المستخدم؟
مقارنة مباشرة مع يوتيوب
حين تُقارن تجربة منشئي المحتوى على فيسبوك مع تلك على يوتيوب، تكتشف الفرق الهائل بين المنصتين.
يوتيوب يوفّر سياسة واضحة، دعمًا مباشرًا، تحذيرات قبل العقوبات، بل وحتى فريق دعم عبر الدردشة يمكنه مساعدتك فعليًا.
أما فيسبوك، فرغم قوته وعدد مستخدميه، لا يزال يعامل منشئي المحتوى كأنهم مستخدمون هامشيون لا يملكون أي حقوق أو صوت. كل ما تستطيع فعله عند حصول تقييد هو "الانتظار" وربما إرسال نموذج لن يتم الرد عليه إلا بعد أسابيع أو يُرفض فورًا.
التحديثات المستمرة.. بلا هدف واضح
في الفترة الأخيرة، شهد فيسبوك عددًا من التحديثات على أدوات الربح، مثل المنصة الربحية الجديدة التي تم دمجها مع "عوائد فيسبوك" و"الكيانات التجارية". لكن بدلاً من تسهيل الأمور، زادت هذه التحديثات من التعقيد، وأصبحت عبئًا على المستخدمين.
فجأة، يجد المستخدم نفسه مطالبًا بربط حساب عوائد، وإنشاء كيان تجاري، وربطه بصفحة، ثم التأكد من التحقق الثنائي، وربط الحساب البنكي، وغيرها من الخطوات التي لا تكون واضحة أو مدعومة بدليل رسمي.
وكل هذا، معرض للإلغاء في أي لحظة بحجة "مخالفة السياسات".
من المسؤول؟ وماذا يمكن فعله الآن؟
السبب الحقيقي وراء هذه الأزمة لا يزال غير معروف. لكن إن كان هناك خطأ تقني في فيسبوك، فيجب أن تعترف به الشركة فورًا وتصدر بيانًا توضيحيًا. أما إذا كانت هناك سياسات جديدة تم تفعيلها دون إبلاغ المستخدمين، فهذا خلل إداري جسيم يعكس قلة احترام للمجتمع الذي يبني عليه فيسبوك نفسه.
أما عن الحلول، فهي محدودة للأسف:
-
عدم اتخاذ أي خطوات عشوائية أو حذف صفحات أو إنشاء كيانات جديدة.
-
عدم تقديم استئنافات متكررة في نفس اللحظة.
-
الانتظار حتى يصدر فيسبوك أي توضيح رسمي.
-
التوثيق الكامل لأي مراسلات أو سكرينات من داخل الحسابات المتأثرة.