random
أخبار ساخنة

ميتا تبدأ فرض رسوم على نسخ خالية من الإعلانات لفيسبوك وإنستجرام في بريطانيا

 


ميتا تبدأ فرض رسوم على نسخ خالية من الإعلانات لفيسبوك وإنستجرام في بريطانيا

في خطوة جديدة تعكس تغيّر إستراتيجية شركات التكنولوجيا الكبرى في التعامل مع قضايا الخصوصية والإعلانات، أعلنت شركة ميتا – المالكة لفيسبوك وإنستجرام – عن إطلاق نسخ مدفوعة من المنصتين داخل المملكة المتحدة. هذه الخطوة تأتي بعد نقاشات مطوّلة بين الشركة والجهات التنظيمية البريطانية، وتهدف إلى منح المستخدمين خيار تجربة المنصتين من دون أي إعلانات مقابل رسوم شهرية بسيطة.

تفاصيل الاشتراك الجديد

بحسب ما كشفته الشركة، فإن الأسعار ستبدأ من:

  • 2.99 جنيه إسترليني شهريًا (حوالي 4 دولارات) عند الاشتراك عبر نسخة الويب.

  • 3.99 جنيه إسترليني لمستخدمي الهواتف عبر تطبيقات iOS وأندرويد.

والسبب في ارتفاع الرسوم على التطبيقات يرجع إلى العمولات التي تفرضها شركتا آبل وجوجل على عمليات الشراء داخل متاجر التطبيقات، وهي عمولة اعتادت أن تثير جدلًا واسعًا بين شركات التكنولوجيا الكبرى والمطورين على حد سواء.

لماذا أطلقت ميتا النسخة المدفوعة؟

تأتي هذه الخطوة في وقت بالغ الحساسية بالنسبة لشركة ميتا، التي يعتمد أكثر من 97% من إجمالي إيراداتها على الإعلانات. ومع تزايد القوانين الصارمة الخاصة بالخصوصية في أوروبا، خاصة اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)، وجدت الشركة نفسها أمام معضلة حقيقية: كيف يمكنها الاستمرار في جمع الأرباح من الإعلانات وفي الوقت نفسه احترام حق المستخدمين في التحكم ببياناتهم؟

النسخة المدفوعة هنا تُقدَّم كـ خيار بديل: إما استخدام الخدمة بشكل مجاني لكن مع ظهور الإعلانات المستندة إلى بيانات التتبع، أو دفع رسوم شهرية مقابل تجربة خالية تمامًا من الإعلانات والتتبع المفرط.

التجربة الأوروبية السابقة

هذه ليست المرة الأولى التي تقدم فيها ميتا نسخة مدفوعة خالية من الإعلانات. ففي عام 2023، طرحت الشركة الخدمة في دول الاتحاد الأوروبي، لكنها واجهت عقبات كبيرة هناك. الجهات التنظيمية الأوروبية فرضت على الشركة غرامة تجاوزت 200 مليون يورو، معتبرة أن النموذج الذي قدمته ميتا لم يمنح المستخدمين "خيارًا حرًا" حقيقيًا، لأن معظم الناس قد لا يكونون قادرين أو راغبين في دفع اشتراك شهري لمجرد تجنب الإعلانات.

وبعد تلك الأزمة، عدّلت ميتا طريقة تقديم الخدمة لتتوافق بشكل أفضل مع اللوائح، وهو ما سمح لها بالعودة من جديد وطرح نفس الفكرة ولكن هذه المرة في المملكة المتحدة، التي لم تعد جزءًا من الاتحاد الأوروبي بعد "بريكست"، وبالتالي تمتلك مساحة أكبر من المرونة في ما يخص التشريعات الرقمية.

موقف الجهات التنظيمية البريطانية

الطرح الجديد لم يكن ليتم لولا نقاشات طويلة بين ميتا ومكتب مفوض المعلومات البريطاني (ICO)، وهو الجهة المسؤولة عن حماية خصوصية المستخدمين في بريطانيا. المكتب رحّب بالخطوة واعتبرها توازنًا مقبولًا بين حق المستخدم في تجربة خالية من الإعلانات، وبين حاجة الشركات التكنولوجية إلى مصادر دخل بديلة عن النماذج الإعلانية التقليدية.

هذا الترحيب يعكس اختلافًا واضحًا بين نهج بريطانيا ونهج الاتحاد الأوروبي، حيث تبدو لندن أكثر استعدادًا للتعاون مع شركات التكنولوجيا العملاقة، مقابل التزام الاتحاد الأوروبي بموقف أكثر تشددًا فيما يتعلق بحماية البيانات الشخصية.

ماذا يعني هذا للمستخدمين؟

عمليًا، سيبدأ المستخدمون فوق عمر 18 عامًا في المملكة المتحدة بتلقي إشعارات تخيّرهم بين:

  • الاستمرار في استخدام فيسبوك وإنستجرام مجانًا مع الإعلانات.

  • الاشتراك في النسخة المدفوعة والاستمتاع بتجربة خالية من الإعلانات.

هذا الخيار قد يكون جذابًا لشريحة من المستخدمين، خصوصًا أولئك الذين يرون أن الإعلانات مزعجة وتقطع تجربة التصفح. لكنه في المقابل قد لا يحظى بإقبال واسع، خاصة أن معظم مستخدمي هذه المنصات اعتادوا على نموذج "الخدمة المجانية مقابل الإعلانات".

التأثير على سوق الإعلانات الرقمية

إذا نجحت هذه التجربة، فقد تمثل بداية تحوّل كبير في سوق الإعلانات الرقمية. فالميزة الأساسية التي دفعت شركات مثل ميتا للنمو السريع كانت الوصول المجاني للمستخدمين، مقابل الاعتماد على الإعلانات الموجّهة كمصدر أساسي للدخل.

لكن مع وجود نسخة مدفوعة، قد يبدأ المعلنون في مواجهة تحديات جديدة، خصوصًا إذا قرر عدد كبير من المستخدمين الانتقال للاشتراكات المدفوعة. هذا قد يقلل من حجم الجمهور المتاح للإعلانات المستهدفة، وبالتالي يؤثر على فعالية الحملات التسويقية عبر المنصات التابعة لميتا.

هل سيقبل المستخدمون بالدفع؟

يبقى السؤال الأهم: هل سيدفع المستخدم العادي مقابل إزالة الإعلانات؟

  • بعض التقارير تشير إلى أن نسبة صغيرة فقط من المستخدمين في الاتحاد الأوروبي اختارت النسخة المدفوعة عندما تم طرحها هناك.

  • الكثيرون يعتبرون أن الإعلانات "شر لا بد منه" مقابل الحصول على خدمات مجانية.

  • لكن في المقابل، هناك فئة من المستخدمين تضع خصوصيتها على رأس الأولويات، وقد ترى أن دفع 3 أو 4 جنيهات إسترلينية شهريًا أمر مقبول لتجنب التتبع والإعلانات.

ميتا بين الخصوصية والأرباح

التحرك الجديد يكشف عن محاولة ميتا لإيجاد حل وسط بين الضغوط التنظيمية والرغبة في الحفاظ على أرباحها الضخمة من الإعلانات. الشركة تدرك أن مستقبلها قد لا يكون قائمًا فقط على نموذج الإعلانات، ولذلك فهي تحاول اختبار بدائل جديدة قد تساعدها على التنويع في مصادر الدخل.

وقد لا تكون هذه الخطوة الأخيرة. فمن المتوقع أن نرى مستقبلاً المزيد من الخدمات المدفوعة التي تقدمها الشركة، سواء كانت متعلقة بالخصوصية أو بمزايا إضافية مثل أدوات الذكاء الاصطناعي أو خدمات الواقع الافتراضي عبر منصة ميتافيرس.

الخلاصة

إطلاق النسخ المدفوعة من فيسبوك وإنستجرام في المملكة المتحدة يمثل تجربة جديدة لشركة ميتا في سعيها للتوفيق بين متطلبات الخصوصية ورغبتها في الحفاظ على تدفق الإيرادات. وبينما رحّبت الجهات التنظيمية البريطانية بالخطوة، يبقى مدى إقبال المستخدمين عليها موضع تساؤل.

فهل سيدفع الناس حقًا مقابل التخلص من الإعلانات؟ أم أن الأغلبية ستستمر في النموذج التقليدي المجاني؟
الإجابة عن هذا السؤال ستحدد ما إذا كان النموذج الجديد مجرد تجربة محدودة، أم أنه سيصبح اتجاهًا عالميًا لإعادة تشكيل مستقبل وسائل التواصل الاجتماعي.

google-playkhamsatmostaqltradent