مقدمة
في عالم رقمي يزداد ازدحامًا كل يوم، باتت المنافسة على جذب انتباه الجمهور أكثر شراسة، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك. ومع اتساع رقعة المستخدمين، لم يعد مجرد النشر العشوائي أو إعادة مشاركة المحتوى كافيًا للتميّز. هنا يبرز المحتوى الأصلي كعنصر حاسم في بناء الهوية الرقمية، وتحقيق الانتشار العضوي، وتعزيز فرص الربح والوصول.
فما هو المحتوى الأصلي؟ ولماذا تعوّل عليه خوارزميات فيسبوك بشدة؟ وما الفرق بينه وبين المحتوى المعاد؟ هذا ما نستعرضه في هذا المقال.
ما المقصود بالمحتوى الأصلي؟
المحتوى الأصلي هو المحتوى الذي يتم إنتاجه من قبل منشئه خصيصًا للنشر، سواء كان مكتوبًا، مصورًا، مسموعًا أو مرئيًا. ويتميّز بكونه:
-
غير منسوخ من مصدر آخر.
-
نابع من تجربة شخصية، أو فكرة فريدة، أو رأي خاص.
-
موجّه لجمهور محدد بهدف معين (تعليمي، ترفيهي، تسويقي، توعوي... إلخ).
فالمحتوى الأصلي لا يعني بالضرورة أن يكون معقدًا أو مكلفًا، بل يكفي أن يعكس صوتك وهويتك وطريقتك الخاصة في عرض الأمور.
يفضّل فيسبوك المحتوى الأصلي؟
خوارزميات فيسبوك تعتمد على الذكاء الاصطناعي لفهم وتقييم نوعية المحتوى. وقد أعلنت Meta في أكثر من مرة أنها تفضّل وتروّج للمحتوى الأصلي لعدة أسباب:
-
التحكم في جودة المنصة: المحتوى المعاد أو المسروق يضر بجودة تجربة المستخدم، لذا تسعى فيسبوك إلى تقليل ظهوره.
-
مكافحة السبام: الكثير من الصفحات تنسخ المحتوى لتحقيق تفاعل زائف، وهذا يتعارض مع سياسات المنصة.
-
تشجيع الإبداع: المنصة تريد دعم المبدعين الحقيقيين بمزيد من الظهور والتقدير والربح.
-
تحسين التوصية: خوارزميات الاقتراحات تفضّل المنشورات التي يظهر فيها تفاعل أصيل مع محتوى أصيل.
كيف يتعرّف فيسبوك على المحتوى الأصلي؟
يعتمد فيسبوك على عدة إشارات لفهم إن كان المحتوى أصليًا، منها:
-
مدة بقاء المحتوى على الإنترنت (هل نُشر أول مرة هنا أم مكان آخر؟).
-
هوية من نشره أولًا.
-
أسلوب الكتابة أو التقديم (مقارنة بأساليب معروفة لمصادر أخرى).
-
التفاعل الحقيقي: تعليقات تفاعلية، مشاركة من الجمهور، حفظ، إلخ.
-
مدى تكرار نفس المحتوى في صفحات متعددة.
وعندما يُكتشف أن صفحة ما تنشر محتوى غير أصلي باستمرار، قد تُفرض عليها قيود في الوصول، أو تُقيّد أرباحها من الإعلانات.
تأثير المحتوى الأصلي على الانتشار والربح
1. زيادة الوصول العضوي
المنشورات الأصلية تصل إلى جمهور أكبر بدون الحاجة للإعلانات المدفوعة، خاصة عندما تكون مصحوبة بتفاعل قوي. فيسبوك يكافئ المحتوى الذي يحتفظ بالمستخدم لفترة أطول.
2. تحسين السمعة الرقمية
المتابعون يحبون التعرف على "الهوية الحقيقية" وراء الصفحة أو الشخص، لا مجرد إعادة تدوير للأفكار. هذا يعزّز الثقة والمصداقية، خاصة في الحسابات التجارية أو العامة.
3. زيادة فرص القبول في برامج الربح
فيسبوك يتطلب وجود محتوى أصلي للاستمرار في برامج تحقيق الأرباح، سواء من خلال "Stars" أو "Reels Bonus" أو الإعلانات ضمن الفيديوهات.
4. سهولة التوثيق والمصداقية الرسمية
الحسابات التي تنشر محتوى أصلي باستمرار تكون مرشحة بشكل أفضل للحصول على العلامة الزرقاء والتوثيق، لأنها تُثبت أنها تمثل جهة فعلية ومؤثرة.
أمثلة على المحتوى الأصلي
-
منشور رأي شخصي عن موضوع ترند.
-
فيديو من إنتاجك يعرض تجربة أو منتج.
-
صور من تصويرك لمكان أو حدث أو منتج.
-
قصص من يومياتك أو تفاعل مع المتابعين.
-
معلومات حصرية أو توضيح لمعلومة منتشرة من زاوية خاصة بك.
ما هو المحتوى المعاد؟ ولماذا يجب الحذر منه؟
المحتوى المعاد هو ببساطة إعادة نشر شيء أنشأه شخص آخر، سواء بنقله نصيًا أو تحميله وإعادة رفعه. وتكمن مشاكله في:
-
إمكانية الإبلاغ عنه بسبب حقوق النشر.
-
ضعف الوصول أو انعدامه تمامًا.
-
عدم القبول في برامج الربح.
-
احتمالية تقييد الصفحة أو حذفها عند التكرار.
بعض الصفحات تقع في فخ أخذ فيديوهات من تيك توك أو يوتيوب ورفعها على فيسبوك ظنًا أنها ستنتشر. قد يحدث ذلك مؤقتًا، لكن على المدى الطويل، ستتأثر الصفحة سلبًا بشدة.
كيف تصنع محتوى أصلي ناجح على فيسبوك؟
1. حدد جمهورك بوضوح
اعرف مَن تكلّمه ولماذا، هل جمهورك من الشباب؟ الأمهات؟ المهتمين بالتقنية؟ كلما كانت رؤيتك واضحة، كان المحتوى أكثر تأثيرًا.
2. استخدم أسلوبك الخاص
اكتب كما تتحدث، تحدث كما أنت. لا تقلّد الآخرين. النبرة الأصيلة تلفت الانتباه أكثر من أي أسلوب مصطنع.
3. استخدم أدوات فيسبوك بذكاء
استغل الفيديوهات القصيرة (Reels)، البث المباشر، المنشورات النصية المصورة (image quotes)، القصص (Stories). كل ذلك يتيح لك طرقًا مبتكرة لنقل الرسائل.
4. ادمج بين القيمة والترفيه
أفضل محتوى هو ما يجمع بين فائدة حقيقية ومتعة في التقديم. لا تكتفِ بنقل المعلومة، بل قدّمها بأسلوب جذاب وسهل الفهم.
5. تفاعل بذكاء
الرد على التعليقات، طرح أسئلة، ذكر المتابعين بالاسم... كلها تصنع رابطة حقيقية مع الجمهور.
نصائح لتفادي فقدان الوصول بسبب المحتوى غير الأصلي
-
لا تنشر محتوى لا تعرف مصدره.
-
لا تعيد استخدام مقاطع موسيقية محمية دون إذن.
-
لا تنقل آراء الآخرين وكأنها آراؤك.
-
لا تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى بدون إضافة لمستك أو تدخلك البشري.
ختام
في النهاية، المحتوى الأصلي ليس مجرد خيار لتحسين أداء صفحتك على فيسبوك، بل أصبح ضرورة للحفاظ على حضور رقمي فعّال ومُربح ومستدام. سواء كنت صاحب مشروع، صانع محتوى، أو حتى هاوٍ يسعى للانتشار، فالمحتوى الذي يحمل بصمتك هو ما يصنع الفرق الحقيقي.
لا تكن مجرد ناقل، كن صانعًا. لأن فيسبوك - مثل الجمهور - لا يكافئ إلا من يعبّر عن نفسه بصدق.